خطوات إنشاء إدارة تنمية موارد مالية في جهة خيرية
يكثر السؤال عن الخطوات الصحيحة لإنشاء إدارة لتنمية الموارد المالية، والجهات التي تسأل هي جهات حديثة وبعضها قديمة، وحيث أنه لا يوجد صيغة تناسب الجميع فقد كتبت أربع خطوات أساسية في هذا المجال، استفدت من الاطلاع على عدد من إدارات تنمية المالية الناجحة ومن سؤال الخبراء في هذا المجال ومن خبرتي في تأسيس عدد من إدارات تنمية الموارد المالية في الجهات الخيرية، أي هي خطوات ناتجة من الممارسة العملية.
الخطوة الأولى: تبني الإدارة العليا (مجلس الإدارة)
يعتبر تبني الإدارة العليا لإنشاء إدارة تنمية موارد مالية في الجهة الخيرية حجر الزاوية في نجاح الإدارة، ويتم قياس هذا التبني من خلال ما يلي:
- وجود اعتماد مكتوب من المجلس بإنشاء إدارة تنمية الموارد المالية وصلاحياتها وممكنات عملها.
- دعم مالي لتأسيس وتشغيل إدارة تنمية الموارد المالية.
- مشاركة أعضاء من مجلس الإدارة أو الادارة التنفيذية في الزيارات واللقاءات التي تنفذها إدارة تنمية الموارد المالية للمتبرعين والوجهاء ونحوهم.
- منح الصلاحيات بشكل واضح ومحدد لإدارة تنمية الموارد المالية.
- تبني تثقيف وتطوير إدارة تنمية الموارد المالية بأدوات التطوير المختلفة مثل القراءة الحرة والدورات والمعايشة واللقاءات ونحوها.
الخطوة الثانية: وضوح العلاقة مع الأطراف ذات العلاقة
يكثر الحديث عن التموضع المناسب لإدارة تنمية الموارد المالية في الهيكل التنظيمي وفي نظري أنه إذا ضبطت العلاقة مع الإدارات الأخرى سيكون التموضع سهل جدا فهو يخضع لحجم الجهة الخيرية وقوة حضورها، وإدارة تنمية الموارد المالية من أصعب الإدارات في الجهات الخيرية في مجال الاتصال والتواصل، فتميُز الإدارات الأخرى ونجاحها يُسهل عمل إدارة تنمية الموارد المالية بشكل كبير وفشل الإدارات الأخرى ينعكس عليها مباشر، ومن جانب آخر هي تتواصل مع أطراف خارج اطار الجهة الخيرية ومع ذلك لا يستفيدون من خدمات ومنتجات الجهة الخيرية (مثل المانحين والمتبرعين)، فهي بحاجة ماسة لضبط العلاقة معهم جميعا، ومن تلك الأطراف:
- الإدارة التنفيذية وتتم العلاقة معها من خلال خطة تنمية الموارد المالية ومدى تحقق المستهدفات المالية وكلما كانت المنظمة كبيرة وتعتمد على التبرعات بشكل كبير يصبح متابعة الخطة بشكل يومي أو أسبوعي بين الإدارة التنفيذية وإدارة تنمية الموارد المالية، وفي حال وجود انحرافات في المستهدفات يتم تبريرها أو التحويل إلى لخطة البديلة مباشرة(إن وجد). وكلما كانت الإدارة التنفيذية ميسرة لأعمال تنمية الموارد المالية ومطورة لها فهو شيء رائع ففي بعض الأحيان تفوت فرص كبيرة بسبب تأخر توقيع.
- إدارة/إدارات الأنشطة والمشاريع وهذه أهم إدارة يتم ضبط العلاقة معها لأنه سيتم استقبال المشاريع منها ومن ثم يتم طلب التبرعات لها، وكذلك نحتاج إليها في معرفة جودة التنفيذ ومدى الالتزام بالوعود التي وعدنا بها المانحين والمتبرعين.
- إدارة العلاقات العامة ويكثر التداخل هنا بين الإدارتين بشكل كبير فيجب التنسيق بينهما لكي لا تصل الرسائل للمستهدفين بشكل خاطئ أو مزعج، وفي بعض الأحيان يتم تسكين تنمية الموارد المالية ضمن إدارة العلاقات العامة وقد يكون خيارا مناسبا لبعض الجهات الصغيرة وحديثة النشأة.
- الإدارة المالية حيث يتم توحيد اللغة المالية بين الإدارتين ابتداء وبعد ذلك يتم تقديم التقارير بشكل دوري من الإدارة المالية لإدارة تنمية الموارد المالية مثل تقارير التبرعات بشتى أنواعها وأزمنتها التي تحتاجها الإدارة.
- المتبرعين والمانحين وهم خارج نطاق الجهة الخيرة فيتم رسم العلاقة معهم بشكل واضح من خلال الرسائل التي نرسلها لهم بشكل عام أو موجهة لفئة محددة، وكذلك اللقاء بهم والحديث معهم ومستوى المعلومات التي سيتم إيصالها للمتبرعين/المانحين، وعملية توثيق التبرعات/المنح وتقارير تنفيذ مشاريع التبرعات/المنح وأثرها على الفئة المستفيدة، وهي علاقة تحتاج مزيدا من العناية والاهتمام.
- الاستثمار حيث يتم توضيح العلاقة مع العوائد الاستثمارية من الأصول التي تمتلكها الجهة الخيرية مثل المباني أو عوائد الأنشطة التي تنفذها الجهة الخيرية.
الخطوة الثالثة: إدارة تنمية الموارد المالية
عندما تتوفر ممكنات العمل في الإدارة تبدأ في العمل وتحقق النتائج المرجوة بتوفيق الله ومن أهم الممكنات التي تحتاجها:
- فريق عمل لديه أساسيات المهنة وقابل للتعلم والتطور وهذا الفريق قد يكون بدوام كامل أو جزئي أو متطوعين وليس من المناسب اعتماد الإدارة بالكامل على المتطوعين، وعندما يتم اسناد العمل لفريق خارجي مهم جدا اخبار المتبرعين والمانحين أن الذين يقومون بهذه المهمة جهة أخرى نيابة عن الجهة الخيرية.
- الموافقات الرسمية على جمع التبرعات والاستثمار والاتصال والتواصل مع المتبرعين والمانحين فبعض هذه الموافقات من صلاحيات الجهة المرخصة (الوزارة) وبعضها من صلاحيات الجمعية العمومية وبعضها من صلاحيات مجلس الإدارة.
- أخلاقيات جمع التبرعات حيث يتم كتابة أخلاقيات جمع التبرعات في الجهة الخيرية ويتم اعتمادها من مجلس الإدارة ويتم إعلانها للجميع.
- وضوح سياسات الاستثمار حيث تكتب السياسات الاستثمارية ويتم اعتمادها من مجلس الإدارة، ومن ذلك الأوقاف.
- توفر السياسات الإعلامية ووجود النماذج والأدلة التي تحتاجها الإدارة في الاتصال والتواصل ونماذج المراسلات والإيميلات والتصريح الإعلامي وغيرها.
- توفر تكلفة جمع التبرعات وفي الغالب يتم توفيرها من إيراد ثابت للجهة الخيرية أو يتكفل مجلس الإدارة بتوفيره، وعندما تقوم إدارة تنمية الموارد المالية بتوفير هذا المبلغ ابتداء ففي الغالب تفشل في ذلك، ويعتبر هذا من أهم أدوار مجلس الإدارة. وهذه التكلفة نسبتها غير ثابتة فهي تخضع لنوع نشاط الجمعية وحداثتها وسمعتها ومدى تمكن فريق العمل، لكن من الأهمية بمكان أن تقل هذه النسبة مع الزمن.
- توفر معلومات وافية عن الجهة الخيرية وعن تاريخها وسمعتها ومدى إنجازها والتزامها للغير وأثرها وعن المشروع الذي ترغب الإدارة جمع المال له من نقاط قوة وضعف وفرص وتهديدات ومعلومات أخرى تهم المتبرعين والمانحين.
- جمال وجودة التقارير المالية للمشاريع حيث تجهز التقارير وترسل للمتبرعين والمانحين مع مراعات جانب الالتزام بما تم الاتفاق عليه مسبقا وإذ وجد انحراف في التنفيذ يتم ايضاحه لهم.
- تحديد المستهدفات المالية حيث تضع الإدارة مستهدفات مالية تستهدف تحقيقها خلال فترة زمنية محددة، وفي الغالب يتم بناؤها على أساس تكلفة مشاريع الجهة الخيرية.
- معرفة نوع الإيراد وفي الغالب هو ثلاثة أنماط: الأول إيراد مؤكد مثل الإيجارات، الثاني إيراد شبه مؤكدة مثل الاستقطاعات والتزامات المانحين، والثالث إيراد محتمل. ولكل وحد تكلفة في تحصيله فالأول والثاني غير مكلف أم الثالث فهو أعلاها تكلفة وهو سبب وجود إدارة تنمية الموارد المالية. فعندما تكون الإيرادات المؤكدة وشبه المؤكدة نسبتها عالية ففي الغالب لا تحتاج الجهة الخيرية إدارة تنمية موارد مالية متمكنة بل نحتاج ضبط مالي لكن في هذه الحالة ستكون الجهة الخيرية روتينية بشكل كبير بسبب توفر المورد المالي، فالإيرادات المحتملة تساعد على تطور الجهة الخيرية وتقدمها، والإيرادات المؤكدة تساعد على استدامتها وهذه معادلة مهم الانتباه لها.
الخطوة الرابعة: مؤشرات النجاح
مؤشرات النجاح مهمة في إدارة تنمية الموارد المالية ويتم الاتفاق عليها قبل العمل، ومن أهم مؤشرات نجاح الإدارة:
- تحقق المستهدفات المالية وهو أهم مؤشر لنجاح إدارة تنمية الموارد المالية.
- زيادة عدد المتبرعين حيث ينمو عدد المتبرعين سنويا.
- تنوع مصادر الدخل حيث يوجد خمسة مصادر متنوعة على الأقل تغطي 60% من المصروفات.
- وجود دخل غير مقيد يساعد في فتح مشاريع جديدة أو تطور وتقدم الجهة الخيرية.
- زيادة الولاء حيث المتبرعين والمانحين هم من يقوم بطلب التبرع للجهة الخيرية.
- زيادة عدد العلاقات والتواصل بهدف توطيد العلاقة مع المتبرعين والمانحين.
هذه أربع خطوات أساسية في إنشاء إدارة تنمية موارد مالية أرجو أن تكون مفيدة لكم.